دليل شامل لأنواع الشركات في السعودية وفق نظام الشركات الجديد

 لا توجد تعليقات

تمثل الشركات بمختلف أنواعها أحد الأعمدة الأساسية في البنية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، حيث تُعد الوسيلة النظامية الرئيسة لممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية. وقد جاء نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1/12/1443هـ بهدف تهيئة بيئة تنظيمية مرنة ومحفزة لقطاع الأعمال، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في دعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.

ينظم النظام خمسة أنواع رئيسة من الشركات، هي: شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المساهمة، وشركة المساهمة المبسطة، والشركة ذات المسؤولية المحدودة، بالإضافة إلى أحكام الشركات القابضة والشركات الأجنبية. ويُعد اختيار نوع الشركة المناسب خطوة محورية تحدد مسار وطبيعة العلاقة بين الشركاء والمسؤوليات القانونية والمحاسبية المترتبة على النشاط.

أولاً: شركة التضامن

ما هي شركة التضامن؟

شركة التضامن هي شكل من أشكال الشركات يُنشئها شخصان أو أكثر، ويكون الشركاء فيها مسؤولين بالتضامن في جميع أموالهم الخاصة عن التزامات الشركة وديونها. وتنص المادة (20) من نظام الشركات على أن اسم شركة التضامن يجب أن يتضمن أسماء جميع الشركاء، أو اسم أحدهم مضافاً إليه ما يدل على وجود شركاء آخرين، مثل: (وشركاؤه).

تُستخدم شركة التضامن غالباً في الأنشطة التي تتطلب ثقة متبادلة عالية بين الشركاء، مثل مكاتب المحاماة أو الأعمال العائلية.

 

مميزات شركة التضامن في السعودية:

  1. سهولة التأسيس والإجراءات القانونية: تتميز شركة التضامن بمرونة عالية في التأسيس مقارنة بالشركات الأخرى.
  2. إدارة مرنة: يمكن للشركاء اتخاذ القرارات بشكل مباشر دون الحاجة لمجالس إدارة أو جمعيات عامة.
  3. ثقة داخلية قوية: نظراً لطبيعة التضامن في المسؤولية، غالباً ما تقوم هذه الشركات على علاقات شخصية وثقة متبادلة.
  4. تكاليف تشغيل منخفضة: لا تحتاج إلى هيكل إداري معقد أو متطلبات محاسبية ثقيلة كما في الشركات المساهمة.

 

عيوب شركة التضامن:

  1. المسؤولية غير المحدودة: الشركاء مسؤولون شخصياً وبشكل تضامني عن جميع ديون الشركة، حتى بأموالهم الخاصة.
  2. تعقيد في دخول شركاء جدد: لا يمكن انضمام شركاء جدد إلا بموافقة جميع الشركاء، مما يحد من توسعها.
  3. تأثر الشركة بتصرفات أحد الشركاء: أي خطأ أو مخالفة يرتكبها أحد الشركاء قد ينعكس مباشرة على الشركة بأكملها.

 

 

ثانياً: شركة التوصية البسيطة

ما هي شركة التوصية البسيطة في النظام السعودي؟

تُعد شركة التوصية البسيطة من أنواع الشركات التي تجمع بين خصائص شركة التضامن وخصائص الشركات ذات المسؤولية المحدودة. وتتكوّن من فريقين من الشركاء:

  1. شركاء متضامنون: مسؤولون عن التزامات الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية بأموالهم الخاصة، شأنهم في ذلك شأن شركاء شركة التضامن.
  2. شركاء موصون: يساهمون في رأس المال لكنهم لا يُسألون عن التزامات الشركة إلا في حدود حصصهم ولا يشاركون في الإدارة أو تمثيل الشركة أمام الغير.

 

مميزات شركة التوصية البسيطة:

  1. المرونة في تنظيم العلاقة بين الشركاء: وجود نوعين من الشركاء يتيح مرونة في الهيكلة الإدارية والمالية.
  2. مناسبة للمستثمرين غير النشطين: حيث يستطيع الشريك الموصي المساهمة في رأس المال دون أن يتحمل إدارة أو مسؤولية قانونية كاملة.
  3. محدودية مسؤولية الشريك الموصي: لا يُسأل عن ديون الشركة إلا بمقدار حصته فقط.

 

عيوب شركة التوصية البسيطة:

  1. مسؤولية غير محدودة للشركاء المتضامنين: يبقى هؤلاء عرضة للمساءلة القانونية بأموالهم الشخصية.
  2. صعوبة الرقابة من قبل الشريك الموصي: لا يحق له التدخل في الإدارة، مما يقلل من مشاركته في القرار.
  3. قلة الانتشار في السوق السعودي: تُعد من الأنواع الأقل شيوعاً مقارنة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة.

 

ثالثاً: شركة المساهمة

عرّف نظام الشركات السعودي الجديد شركة المساهمة بأنها:

شركة يكون رأس مالها مقسماً إلى أسهم متساوية القيمة، وقابلة للتداول، ويكون كل مساهم مسؤولاً بقدر حصته في رأس المال فقط، دون أن تمتد مسؤوليته إلى أمواله الخاصة.

يُعد هذا النوع من الشركات مناسباً للشركات الكبيرة، أو تلك التي تنوي الطرح في السوق المالية، حيث تتمتع بهيكل إداري واضح وشفاف، وتخضع لرقابة تنظيمية من هيئة السوق المالية في حال إدراجها.

ويجوز تأسيس شركة المساهمة من قبل شخص واحد أو أكثر، كما يجوز أن تكون مدرجة أو غير مدرجة في السوق.

 

مميزات شركة المساهمة في النظام السعودي:

  1. مسؤولية محدودة للمساهمين: لا يتحمل المساهم أي خسائر تتجاوز قيمة أسهمه في رأس المال.
  2. سهولة نقل الملكية: تُتيح قابلية الأسهم للتداول دخول وخروج المستثمرين بسهولة.
  3. جاذبية الاستثمار المؤسسي: بسبب الشفافية العالية والإفصاحات المالية المنتظمة.
  4. إمكانية زيادة رأس المال: عن طريق إصدار أسهم جديدة أو أدوات دين، مما يُسهل التوسع والتمويل.
  5. الاستمرارية القانونية: لا تتأثر الشركة بوفاة أو انسحاب أي مساهم.

 

عيوب شركة المساهمة:

  1. تعقيد الإجراءات النظامية: سواء في التأسيس أو الحوكمة، إذ تتطلب إجراءات دقيقة وموثقة.
  2. ارتفاع التكاليف التشغيلية: بسبب الحاجة لمراجعين قانونيين ومحاسبين خارجيين ومجالس إدارة مستقلة.
  3. انخفاض السيطرة الفردية: المساهمون لا يشاركون في الإدارة اليومية، ما لم يكونوا أعضاءً في مجلس الإدارة.

 

رابعاً: شركة المساهمة المبسطة

ما هي شركة المساهمة المبسطة في النظام السعودي؟

تُعد شركة المساهمة المبسطة من أحدث أنواع الشركات التي أقرّها نظام الشركات السعودي لعام 1444هـ، وجاءت لتلبية احتياجات الشركات الناشئة والمتوسطة، ولتوفير بديل مرن عن شركة المساهمة التقليدية دون التخلي عن كفاءة الهيكلة القانونية.

ويجوز أن تتكون من شخص واحد أو أكثر، ويكون كل مساهم فيها مسؤولاً فقط في حدود حصته، كما لا يُشترط فيها وجود مجلس إدارة، ويمكن تحديد آليات الإدارة والرقابة وفقاً للنظام الأساسي للشركة.

 

مميزات شركة المساهمة المبسطة:

  1. مرونة في التأسيس والإدارة: لا يشترط فيها مجلس إدارة، ويجوز الاتفاق على هيكل إداري مبسط وفقاً للنظام الأساسي.
  2. إمكانية التأسيس من قبل شخص واحد: مما يسمح برواد الأعمال ببدء مشاريعهم القانونية دون الحاجة إلى شركاء.
  3. لا توجد متطلبات معقدة في الحوكمة: مقارنة بالشركات المساهمة العادية.
  4. الملاءمة للمشاريع الابتكارية والناشئة: خصوصاً تلك التي لا تتطلب رأس مال كبير أو هيكل إداري معقد.

 

عيوب شركة المساهمة المبسطة:

  1. ضعف ثقة المستثمرين الكبار: كونها لا تخضع لنفس مستويات الإفصاح والرقابة مثل الشركات المساهمة التقليدية.
  2. عدم الجاهزية للطرح العام: لا يمكن إدراج أسهمها في السوق المالية.

 

 

خامساً: الشركة ذات المسؤولية المحدودة

تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة:

وفقاً لنظام الشركات السعودي الجديد (1444هـ)، تُعرّف الشركة ذات المسؤولية المحدودة بأنها:

شركة لا يزيد عدد الشركاء فيها عن (50) شريكاً، ولا يسأل الشريك فيها عن ديون الشركة والتزاماتها إلا بقدر حصته في رأس المال.

تُعد هذه الشركة من الخيارات المناسبة لأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وتتميز بجمعها بين مزايا الشركات الشخصية من حيث المرونة، ومزايا الشركات المالية من حيث تحديد المسؤولية.

 

مميزات الشركة ذات المسؤولية المحدودة في السعودية:

  1. تحديد مسؤولية الشركاء: لا تمتد المسؤولية إلى أموالهم الخاصة، مما يقلل من المخاطر المالية.
  2. سهولة التأسيس والإدارة: مقارنة بشركات المساهمة، فإن إجراءات التأسيس أقل تعقيداً.
  3. المرونة في هيكل الملكية: يمكن لشخص واحد أو أكثر تأسيسها، بشرط عدم تجاوز عدد الشركاء 50.
  4. الاحتفاظ بالسيطرة: تُتيح إمكانية تقييد نقل الحصص، ما يحافظ على خصوصية هيكل الشراكة.
  5. الملاءمة للأنشطة التجارية المتنوعة: مثل العقار، المقاولات، التقنية، والتوزيع.

 

عيوب الشركة ذات المسؤولية المحدودة:

  1. قيود على تداول الحصص: لا يجوز بيع أو التنازل عن الحصة إلا بموافقة باقي الشركاء، مما قد يُعيق دخول مستثمرين جدد.
  2. حد أقصى لعدد الشركاء: لا يمكن زيادته عن 50 شريكاً.
  3. صعوبة في التحول لشركة مساهمة: تحتاج إلى إجراءات إضافية وإعادة هيكلة.

 

 

سادساً: الشركات القابضة في السعودية

ما هي الشركات القابضة؟

الشركة القابضة هي شكل نظامي يُسمح له بامتلاك حصص أو أسهم في شركات أخرى، بهدف الإشراف الإداري أو المالي أو التنظيمي عليها، دون أن تمارس الشركة القابضة بالضرورة أنشطة تجارية مباشرة.

وقد نظّم نظام الشركات السعودي الجديد لعام 1444هـ أحكام الشركات القابضة ضمن الإطار العام للشركات، وعرّفها على أنها:

شركة تؤسس لغرض تملّك أسهم أو حصص في شركات قائمة أو جديدة، وإدارة تلك الشركات، أو تقديم القروض والضمانات لها، أو تملك حقوق الملكية الفكرية

 

مميزات الشركات القابضة:

  1. تتيح هيكلة الشركات القابضة إدارة موحدة ومركزية للشركات التابعة، مما يُحسن الأداء العام ويُقلل الازدواجية.
  2. يمكن للشركات التابعة العمل باستقلال مالي مع بقاء السيطرة القانونية بيد القابضة.
  3. من خلال توزيع الأنشطة التجارية والاستثمارية على عدة كيانات تابعة.
  4. يُمكن للشركة القابضة طرح شركاتها التابعة للاكتتاب بشكل مستقل، مما يعزز فرص التمويل.

 

عيوب الشركات القابضة:

  1. تعقيد الهيكل الإداري: حيث يتطلب إدارة عالية الكفاءة في التنسيق بين الشركة القابضة وشركاتها التابعة.
  2. مخاطر التضارب في المصالح: خصوصاً إذا لم تكن الصلاحيات محددة بوضوح بين الشركات التابعة والقابضة.
  3. عبء التنظيم والمراجعة القانونية فالشركات القابضة تخضع لمراقبة مركّزة من الجهات التنظيمية، خاصة إن كانت مدرجة.
  4. ارتفاع التكاليف التشغيلية خصوصاً في حال تعدد الشركات التابعة في قطاعات مختلفة تتطلب خبرات متباينة.

 

سابعاً: الشركات الأجنبية في المملكة العربية السعودية

ما هي الشركة الأجنبية؟

تُعرف الشركة الأجنبية في النظام السعودي بأنها:

أي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية لا يحمل الجنسية السعودية، ويمارس نشاطاً استثمارياً داخل المملكة سواء من خلال شركة قائمة أو فرع أو مكتب تمثيل.

تتيح المملكة اليوم للمستثمر الأجنبي تأسيس كيان نظامي مملوك له بالكامل أو بالشراكة مع سعودي، وفقاً لشروط محددة، وذلك ضمن جهود المملكة لتعزيز جاذبية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل في إطار رؤية 2030.

 

متطلبات تأسيس الشركات الأجنبية في السعودية:

  1. الحصول على ترخيص استثماري من وزارة الاستثمار .(MISA)
  2. تقديم خطة عمل واضحة للنشاط التجاري أو الصناعي أو الخدمي.
  3. تقديم سجل تجاري وعقود تأسيس موثقة من بلد المنشأ، مع ترجمة قانونية.
  4. تحديد رأس المال حسب النشاط (بعض الأنشطة تتطلب حداً أدنى.
  5. تسجيل الشركة في وزارة التجارة بعد الحصول على الترخيص الاستثماري.
  6. فتح ملف ضريبي وزكوي في هيئة الزكاة والضرائب والجمارك.
  7. الالتزام بالتقارير السنوية والحوكمة حسب طبيعة الكيان.

 

مع التحولات الاقتصادية في المملكة، أصبح فهم أنواع الشركات أمراً ضرورياً لتأسيس كيان تجاري ناجح. يوفّر نظام الشركات الجديد (1444هـ) بيئة مرنة تُلبي احتياجات المستثمرين بمختلف فئاتهم.

اختيار الشكل النظامي يؤثر في الحماية والاستدامة والجاذبية الاستثمارية. فشركة التضامن تلائم الشراكات الصغيرة، والمساهمة للشركات الكبرى، والمبسطة للناشئة.

لذلك، يُنصح بمراجعة الأنظمة بانتظام والرجوع إلى الأدلة الرسمية من الجهات المختصة.

 

إن فهم أنواع الشركات في النظام السعودي الجديد لا يمنحك فقط انطلاقة قانونية صحيحة، بل يضعك على طريق استثماري مستدام وآمن. سواء كنت رائد أعمال ناشئ، أو تمثل كياناً عائلياً أو مؤسسة استثمارية كبرى، فإن اختيار الشكل القانوني الأنسب لشركتك يُعد قراراً محورياً يتطلب دراسة دقيقة واستشارة مختصة.

 

في “صريح – محامون ومستشارون”، نمتلك الخبرة القانونية والعملية لمرافقتك في كل خطوة من خطوات تأسيس شركتك، بدءاً من اختيار النوع الأنسب، مروراً بإجراءات التأسيس، وصولاً إلى الامتثال الكامل للأنظمة والتشريعات.

مقالات ذات صلة

أترك تعليق